
مجريات الأحداث على الجبهة اللبنانية الاسرائيلية باتت منذ مدة مناوشات يومية روتينية تحكمها ضوابط معينة اصطلح عليها باسم قواعد الاشتباك وهذه تجعلها في إيقاع مرسوم أو محدد سقفه رغم وجود خسائر بشرية ومادية كبيرة خاصة في الجهة اللبنانية ووجود نزوح كبير على الجهتين وإن كانت تخطت تلك المناوشات أحيانا قواعد الاشتباك تلك لتصل بعض العمليات الى العمق اللبناني وبعض العمق في الكيان ولكنها بقيت ضمن سقف منضبط إلى حد كبير.
إلا أن المستجد اليوم أن حديثا جديا بدأ يدور بين الوسطاء الغربيين خاصة الأميركيين والفرنسيين مع الحكومة اللبنانية مفاده أنه يجب تطبيق وقف شامل لإطلاق النار على هذه الجبهة ضمن الالتزام الكامل بالقرار الدولي ١٧٠١ وانتشار قوات لبنانية ودولية فاصلة بين الحدود وبعمق ٢٠ كلم داخل لبنان ونزع أي سلاح ثقيل فيه وبضمانات دولية تؤمن المنطقة الشمالية للكيان كي يعود اليه المستوطنون الهاربون منه الذين بدأوا يشكلون ضغطا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا متزايدا على المؤسسة الاسرائيلية.
وعلى ما يبدو ان الموفد الأميركي الذي قدم لبنان اليوم قد أبلغ الدولة اللبنانية انه جاء بمحاولة أخيرة لنزع فتيل الانفجار قبل أن يشن الجيش الاسرائيلي عملية عسكرية كبيرة تحمل ملامح محددة أهمها قيام سلاح الجو والبر والبحر الاسرائيلي وحلفائه من الجو والبحر بإنشاء منطقة عازلة بالنار والأحزمة النارية على مساحة تمتد بعمق ١٠ كلم داخل الحدود اللبنانية على طول الحدود تقتضي بتدمير جميع القرى والبلدات اللبنانية والبنى التحتية والطرقات والغابات والأحراج وجميع المنشآت على هذا العمق بحيث تصبح تلك المنطقة أشبه بصحراء قاحلة تحاكي بعض مناطق شمال غزة . مما يسهل على جيش الكيان مراقبة المنطقة ورصد أي تحرك فيها وتدميره فورا.
وعلى المقاومة اللبنانية أن تلتزم بالمقابل بقواعد اشتباك جديدة تضمن انهاء أهداف العملية الاسرائيلية الجديدة بدون تطورها الى حرب شاملة مع لبنان تؤدي بشكل او بآخر الى حرب إقليمية او اكبر من اقليمية.
الصورة لا تزال ضبابية لكن الخطة الاسرائيلية وضعت وتبلغت الأجهزة اللبنانية بقرب بدء الحملة كما بدأت المنظمات الانسانية وخاصة الأممية تعد خططها وفقها ويبدو أن الموافقات الدولية والأميركية قد حصلت ويبقى صافرة البداية من الحكم الأميركي المنحاز فور استنفاد الوسائل الدبلوماسية.
وتبقى عدة أسئلة تحتاج إلى إجابة ..
١.هل تنتظر إسرائيل الهدنة مع غزة في رمضان لتبدأ حربها مع لبنان؟
٢ . من يضمن بقاء الحرب ضمن قواعد اشتباك مدروسة ومن يضمن عدم تحولها الى حرب اقليمية تنذر بحرب عالمية؟
٣ . ماذا سيفعل الطرف المسيحي في لبنان اذا بدأت الحرب وهو يملك مليشيات مسلحة وهو الذي رفع سقف خطابه اليوم بوجه الحزب وبكل أطيافه بمن فيهم حلفاء الحزب المسيحيين الذين شنوا اليوم خطابا عليه هو الأعنف؟ ولماذا رفعوا سقف خطاباتهم بعد لقائهم المبعوث الأميركي؟
الوضع متأزم جدا والمحللون في لبنان يجمعون على قرب حدوث تصعيد كبير على الجبهة اللبنانية إن لم تكن حربا شاملة.