سقط نظام بشار الأسد.. ما الذي ينتظر سوريا بعد ذلك؟
بقلم: د. عبدالعزيز السبيعي
رئيس المنظمه العالميه لحمايه الطفل
سقوط نظام الأسد يمثّل نهاية لحقبة مظلمة عاشتها المنطقة؛ حيث كان سجن صيدنايا وغيرها من السجون المظلمة رمزًا لهذه الفترة؛ إذ ارتبط اسم السجن بعقيدة نظام اعتمد القمع أداة للحكم، وكرّس ثقافة الخوف والرعب في نفوس السوريين.
هذا السجن لم يكن مجرد مكان للاعتقال، بل كان تجسيدًا لمعاناة السوريين من قهر وتجويع وتعذيب على مدار عقود، قصصه المرعبة ستظلُّ محفورة في الذاكرة، وليس أقلّها ما يُسمى بـ”غرف الملح” التي كانت تُستخدم لحفظ جثث المعتقلين الذين يموتون يوميًّا بسبب التعذيب وظروف الاعتقال السيئة، نتيجة غياب برادات حفظ الجثث.قد كانت مشاهد المساجين وأطفالهم مروعة، فكيف بمن عاش هذه المأساة يومًا بيوم في زنازين امتزج الألم فيها بالظلم والقهر؟ لا شك أن هذا السجن الذي شهد موت الآلاف سيبقى شاهدًا على فظائع الاستبداد والقمع.
مشاهد سقوط نظام الأسد ستظلُّ حاضرة في وجدان السوريين ووعي كل إنسان شهد جرائمه أو سمع بها، وستكون هذه اللحظة بمثابة إعادة كتابة للتاريخ؛ حيث يصبح “ما قبل وما بعد” علامة فارقة في ذاكرة الإنسانية.
ومع ذلك فإن هذه اللحظة لن تكون خالية من التحديات؛ فسقوط النظام لا يعني انتهاء الألم، بل بداية رحلة طويلة نحو العدالة والمصالحة التي تتطلّب مواجهة الماضي بشجاعة، والعمل على بناء سوريا جديدة لا مكان فيها للقهر أو الظلم والثارات التي لا تنتهي.
ما عاشه السوريون على مدار العقود الماضية ليس مأساة وطنية فقط، بل اختبار للضمير الإنساني بأسره، كيف تغاضى العالم وكيف تُرك الشعب السوري يواجه آلة القمع وحده؟ هذه الأسئلة ستبقى شاهدة على التخاذل الدولي، وستبقى درسًا للجميع أن ما يسمى بالنظام الدولي ليس إلا عصا تتناقلها أيدي القوى الكبرى.
سقوط نظام الأسد سيظلّ لحظة تاريخية عظيمة للخلاص من الطغيان، لكن الأهم هو ما سيأتي بعدها: سوريا جديدة، بلا سجون كصيدنايا، وبلا ممارسات تعيد عقارب الساعة إلى الوراء.
إنها لحظة الفجر التي انتظرها السوريون طويلًا، وسيكتبها السوريون بدمائهم ودموعهم؛ ليصبحوا شاهدين على تحول المعاناة إلى حرية، والظلم إلى عدل.