
رئيس التحرير: بسام فهد ثنيان الغانم
مع بدء ولاية دونالد ترامب الجديدة في يناير 2025 يواجه الشرق الأوسط مرحلة حرجة تتطلب من القادة العرب موقفًا موحدًا وحلولًا استراتيجية للتعامل مع مطالبه المعلنة، مثل اقتراح تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأردن ومصر، وسياسة “أمريكا أولًا” التي قد تشمل توقعات غير معلنة مثل فرض ضغوط اقتصادية أو دعم إسرائيلي غير مشروط، تتزامن هذه التحديات مع قمة عربية مرتقبة في 2025، والتي يمكن أن تكون فرصة لرسم خريطة طريق تحمي المصالح العربية وتستغل نقطة قوة أساسية: رغبة الولايات المتحدة في تجنب التورط في حروب جديدة.
مطالب ترامب وسياقها
مطالب ترامب المعلنة كتهجير سكان غزة تعكس رؤية تهدف إلى حل القضية الفلسطينية بطريقة جذرية تتماشى مع مصالح إسرائيل، بينما تتجنب الولايات المتحدة أي التزام عسكري مباشر! تصريحاته مثل “سيطرة أمريكا على غزة ستحقق الاستقرار” تظهر ميلًا لتحويل الأزمة إلى مسؤولية إقليمية مع الحفاظ على هيمنة أمريكية رمزية، أما سياسة “أمريكا أولًا” فتشير إلى أن ترامب قد يضغط على الدول العربية لتقديم تنازلات اقتصادية أو سياسية، مثل تمويل مشاريع إعادة إعمار أو استثمارات في غزة مقابل تجنب عقوبات أو قطع المساعدات.
لكن هنا تكمن الورقة الرابحة: الولايات المتحدة تحت قيادة ترامب تتجنب التورط العسكري المباشر في المنطقة، كما أظهرت سياسته السابقة من خلال التركيز على الضغط الاقتصادي بدلًا من التدخل العسكري، هذا الموقف يمنح العرب فرصة للمناورة والتفاوض من موقع قوة.
التحديات والفرص
التحدي الأكبر أمام العرب هو غياب الوحدة الاستراتيجية، مما قد يجعلهم عرضة لضغوط ترامب الفردية على كل دولة، على سبيل المثال قد يستهدف ترامب دول الخليج بمطالب مالية، بينما يضغط على مصر والأردن لقبول التهجير. كما أن دعمه المحتمل لإسرائيل قد يفاقم الصراع في غزة ولبنان، مما يضع العرب أمام خيارات صعبة.
مع ذلك هناك فرص كبيرة، رغبة أمريكا في تجنب الحرب تعني أن ترامب قد يكون منفتحًا على حلول بديلة إذا كانت تلبي مصالحه دون تكلفة عسكرية، الثروات الهائلة لدول الخليج والدور المحوري لمصر والأردن يمكن أن تُستخدم كأدوات ضغط اقتصادي وسياسي لإقناع ترامب بخطة عربية موحدة تحافظ على استقرار المنطقة دون التنازل عن الحقوق الفلسطينية.
كيف يتصرف العرب خلال القمة؟
لتحقيق حلول حقيقية ونهائية يجب أن تركز القمة على الخطوات التالية:
1. صياغة موقف موحد وغير قابل للتفاوض:
رفض التهجير بشكل قاطع، مع التأكيد أنه يشكل تهديدًا للأمن القومي العربي وخرقًا للقانون الدولي.
2. تقديم رؤية بديلة عملية:
خطة شاملة لإعادة إعمار غزة بتمويل عربي مشترك، تشمل ضمانات لبقاء الفلسطينيين في أرضهم، مع دعوة ترامب لدعمها كجزء من “استقرار الشرق الأوسط” الذي يروج له.
3. استغلال الورقة الاقتصادية:
التلميح إلى إعادة توجيه الاستثمارات العربية من الولايات المتحدة إلى الصين أو روسيا إذا فرض ترامب عقوبات، مما يضغط على مصالحه الاقتصادية دون تصعيد عسكري.
4. تعزيز التحالفات الدولية:
التنسيق مع منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة لتدويل القضية، مما يحد من قدرة ترامب على فرض حلول أحادية.
5. التفاوض مع ترامب مباشرة:
تشكيل وفد عربي رفيع المستوى لعرض الخطة في واشنطن، مع التركيز على أن استقرار المنطقة يخدم سياسة “أمريكا أولًا” بتجنب أزمات تهدد مصالحها النفطية والتجارية.
ما ينبغي أن يحتويه البيان الختامي للقمة؟
البيان الختامي يجب أن يكون واضحًا وحاسمًا، ويتضمن النقاط التالية:
– رفض التهجير:
تأكيد أن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين “خط أحمر” يهدد الاستقرار الإقليمي ويستدعي ردًا موحدًا.
– دعم حل الدولتين:
التزام عربي بدعم الحل السياسي العادل وفق قرارات الأمم المتحدة، مع دعوة ترامب للانضمام إلى هذا المسار.
– خطة إعادة إعمار غزة:
الإعلان عن مبادرة عربية لإعادة الإعمار، مشروطة بالسيادة الفلسطينية، مع دعوة المجتمع الدولي للمساهمة.
– تحذير من العقوبات:
تلميح ضمني دون تهديد مباشر يثير التوتر إلى أن أي ضغوط أمريكية ستُقابل برد اقتصادي وسياسي،
– دعوة للتعاون:
التعبير عن استعداد العرب للعمل مع إدارة ترامب لتحقيق الاستقرار، شريطة احترام الحقوق الفلسطينية والسيادة العربية.
في ظل الشرق الأوسط الملتهب، تمتلك القمة العربية فرصة تاريخية لتحويل ضغوط ترامب إلى نقطة قوة. باستخدام الوحدة، والاقتصاد، والدبلوماسية الذكية، يمكن للعرب فرض حلول تحمي مصالحهم وتضمن استقرار المنطقة. الورقة الرابحة تكمن في فهم أن أمريكا، تحت شعار “أمريكا أولًا”، لن تعرض نفسها لمخاطر حرب جديدة، وهذا ما يجب أن يستثمره العرب بذكاء وحزم.
اقتراح صيغة البيان الختامي:
البيان الختامي البيان الختامي للقمة العربية الطارئة – القاهرة، 4 مارس 2025
في ختام أعمال القمة العربية الطارئة بالقاهرة يوم الثلاثاء 4 مارس 2025، بدعوة مصرية عاجلة، بحضور قادة ورؤساء وفود الدول الأعضاء، وبعد نقاشات حول التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية في ظل سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة، أصدر المجتمعون البيان التالي:
أولاً: الموقف من سياسات ترامب الجديدة
1. رفض قاطع للتهجير: نعلن رفضنا المطلق لأي خطط تهدف إلى تهجير الشعب الفلسطيني من غزة أو الضفة، أو تحويل أراضيه إلى مشاريع استعمارية تحت أي مسمى مثل “ريفييرا الشرق الأوسط”، مؤكدين أنها تُناقض القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتُشكل تهديدًا للأمن والاستقرار.
2. إدانة الدعم الصهيوني: نُدين أي تأييد لهذه المخططات من الكيان الصهيوني، معتبرين إياها محاولة لتصفية الحقوق الفلسطينية.
3. تحذير من التصعيد: نحذر من أن فرض التهجير سيُفاقم التوترات ويُعرض الأمن القومي العربي للمخاطر.
الحلول المقترحة
1. خطة عربية لإعادة الإعمار: نتبنى الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة، بتمويل عربي مشترك بـ15 مليار دولار للسكن و50 مليار دولار للإعمار الكلي على عشر سنوات، مع إشراك شركات أمريكية، وضمان بقاء السكان في أراضيهم.
2. موقف سياسي موحد: نسعى لتشكيل حكومة فلسطينية انتقالية تُمثل الشعب الفلسطيني تحت مظلة السلطة الفلسطينية المُجددة، وندعو كافة الفصائل، بما فيها حماس، للانخراط في هذا المسار السياسي الجامع، مع ضمانات دولية لدعم الاستقرار والوحدة الفلسطينية.
3. تحالف دبلوماسي واسع: ندعو لتحالف دولي مع تركيا والدول الصديقة (كندا، الاتحاد الأوروبي، الدول الأفريقية) لرفض التهجير ودعم إعادة الإعمار بالتعاون مع شركاء دوليين.
4. حماية الأمن القومي: نؤكد حق الدول المجاورة في حماية أمنها القومي بكل الوسائل إذا أُصر على التهجير.
الشراكات الاقتصادية مع الولايات المتحدة
تُعلن الدول الخليجية استعدادها لشراكات اقتصادية كبرى مع الولايات المتحدة، تشمل صناديق سيادية واستثمارات في كل ولاية من الولايات الخمسين، لخلق فرص عمل وتعزيز التعاون، شريطة احترام الحقوق الفلسطينية ووقف مخططات التهجير.
دعوة للعمل
• للشعب العربي: نُثمن صمود الشعب الفلسطيني ونثمن الدعم الشعبي العربي له، ونُجدد التزامنا بحماية حقوقه.
• للمجتمع الدولي: ندعو الأمم المتحدة لإصدار قرار ملزم يُجرّم التهجير ويُلزم إسرائيل بالانسحاب من غزة، مع فرض عقوبات على أي داعم لهذه المخططات.
• للولايات المتحدة: نطالب إدارة ترامب بالتراجع عن سياسات التهجير، والانخراط في حوار بنّاء يدعم حل الدولتين، مع التأكيد على أن التعاون الاقتصادي الموسع مع الدول العربية رهين باحترام هذه المبادئ.
ختامًا، الشعب الفلسطيني ليس للبيع، وأرضه ليست صفقة. نحن ملتزمون بحمايته بحزم، مستهدفين لانهاء الصراع الفلسطيني الاسرائيلي دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، مع فتح أبواب التعاون لمن يحترم هذا الحق.