أخبار

الرئيس اللبناني: مَن يغطي الفساد مشارك فيه… ولا تساهل بعد اليوم

في خطوة لافتة حملت رسائل ومواقف حاسمة لكل العاملين في الإدارات الرسمية، لا سيما تلك التي باتت تتسم بالفساد، قام رئيس الجمهورية اللبناني جوزيف عون بزيارة مفاجئة إلى «مصلحة تسجيل السيارات» ومرفأ بيروت حيث أطلعه المسؤولون على سير العمل فيهما.

وشدد عون على أن «من يغطي الفساد هو مشارك فيه»، داعياً المواطنين إلى التبليغ عن المخالفات التي يواجهونها في إنجاز معاملاتهم، وأكد أنه «لا تساهل بعد اليوم بأي مخالفة من أي جهة كانت». وقالت مصادر مقربة من الرئاسة لـ«الشرق الأوسط» إن ما قام به الرئيس عون هو البداية ورسالة للجميع بأن مسار القضاء على الفساد قد بدأ، مشيرة إلى أن «تعليماته كانت حاسمة وقاسية لكل المعنيين، بأن الماضي قد انتهى، ولا عودة إلى الوراء».

زيارات مفاجئة

وكشفت المصادر أن زيارات مماثلة ستشهدها الإدارات الرسمية في الأيام المقبلة من دون الإعلان عنها مسبقاً. وأوضحت أن زيارة «النافعة» أتت بعد الشكاوى المتصاعدة التي وصلت إليه عن الفساد والتجاوزات، في حين وعد عون بأن الوضع في «المصلحة لن يبقى كما هو».

كذلك فإن توجّه عون إلى المرفأ أتى أيضاً بعد التقارير التي أفادت بأن «حزب الله» بدأ استخدام طريق بحري لنقل الأسلحة إلى لبنان، بسبب القيود المفروضة على «مطار رفيق الحريري الدولي»، والتي كان قد نفاها وزير الأشغال فايز رسامني بشكل قاطع.

وكان عون قد تفقد صباح الجمعة، يرافقه وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار، مبنى مصلحة تسجيل السيارات والآليات «النافعة» في الدكوانة في جبل لبنان، حيث عاين عن كثب سير العمل في المصلحة، واستمع إلى حاجات أصحاب المعاملات الذين فوجئوا بوصوله باكراً، في حين كانوا ينتظرون استقبال معاملاتهم.

وتحدث إلى المواطنين المجتمعين عند مدخل المصلحة، لافتاً إلى أن زيارته هدفها معرفة مشاكلهم والاطلاع على حاجاتهم، وتوجّه إليهم قائلاً: «أنا هنا لأنني أعرف الصعوبات التي تواجهكم، وأقول أيضاً: من يغطي الفساد فهو مشارك فيه، والمطلوب منكم أن تكونوا أنتم عيوننا، وأي غلط تلاحظونه عليكم إبلاغي به، أنا ووزير الداخلية… وإن لم نتبلغ يكون الحق عليكم».

بعد ذلك، توجّه عون إلى مكتب رئيس المصلحة بالتكليف العميد نزيه قبرصلي، واجتمع معه في حضور الوزير الحجار، واطلع منه على واقع العمل في المصلحة، داعياً إياه إلى «مضاعفة الاهتمام بمطالب المواطنين والإسراع في إنجاز معاملاتهم وتصحيح الواقع الراهن في المصلحة».

كما اجتمع عون بالضباط العاملين في المصلحة، وأكد لهم أن «هدف وجودهم في (النافعة) خدمة المواطنين ورفع الغبن عنهم، ومنع الرشى وتسهيل معاملاتهم، وضبط أي مخالفات تُرتكب بحق أصحاب المعاملات»، ثم جال الرئيس عون والوزير الحجار في المكاتب، واطلعا على سير العمل، واستمعا إلى ملاحظات المواطنين الذين أتوا لإنجاز معاملاتهم. كما تفقدا المكان الذي تجري فيه الامتحانات لنيل رخص القيادة، وأعطى توجيهاته بالتقيّد بالقوانين المرعيّة، لا سيما قانون السير، تأميناً للسلامة العامة.

ومن الدكوانة، توجّه عون إلى مرفأ بيروت حيث استقبله وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني، وجال معه في عدد من المكاتب، ومنها مكتب رئيس أمن المرفأ العميد البير شبيب، واطلع منه على ظروف العمل في المرفأ. وأكد شبيب لرئيس الجمهورية أن العمل «يجري بشكل طبيعي بإشراف القوى الأمنية المولجة حفظ الأمن فيه»، ثم عقد اجتماعاً موسعاً ضم عدداً من الضباط وزودهم بالتوجيهات اللازمة.

وإثر جولته داخل أحواض المرفأ ومركز الحاويات، انتقل الرئيس عون إلى مبنى الجمارك حيث استقبله المدير العام للجمارك بالوكالة ريمون خوري، واستمع منه إلى «عمل الضابطة الجمركية في المرفأ». وشدد عون على «ضرورة انتظام الرقابة الجمركية على البضائع المستوردة من الخارج، واستيفاء الرسوم بعدالة وفق الأنظمة والقوانين المرعيّة الإجراء، وعدم التهاون مع من يرتكب المخالفات».

بعد ذلك التقى عون عدداً من المواطنين الذين كانوا يلاحقون معاملاتهم، فطلب منهم إعلامه بأي ممارسة «غير قانونية يتعرضون لها كي تتم محاسبة المرتكبين؛ إذ لا تساهل بعد اليوم في أي مخالفة من أي جهة كانت».

إحراق صور «العهد الجديد»

في غضون ذلك، سُجّل إحراق الصور الجديدة التي رُفعت، الخميس، على طول طريق المطار وحملت شعار: «عهد جديد للبنان» (في إشارة إلى عهد جوزيف عون)، وهي التي كانت قد وُضعت مكان صور الأمين العام السابق لـ«حزب الله» حسن نصر الله وقياديين في «حزب الله» وإيرانيين أبرزهم قاسم سليماني.

وعلّقت مصادر مقربة من الرئاسة على هذا الأمر، مؤكدة أن التحقيقات جارية لمعرفة الفاعلين، ومشيرة إلى أن إحراق صور «العهد الجديد» أتى بعد المواقف اللافتة والحاسمة لرئيس الجمهورية، ودعت في الوقت ذاته إلى انتظار نتائج التحقيقات، من دون أن تستبعد أن يكون قد قام بهذا الفعل أشخاص غير محسوبين على أي طرف بهدف إثارة الفتنة.

المصدر: الشرق الأوسط

زر الذهاب إلى الأعلى